توفر مياه الشرب الآمنة، وخدمات الصرف الصحي المناسبة، وممارسات النظافة الكافية تُعد من الأمور الحاسمة للصحة العامة، خاصة في البلدان الأقل نمواً. يشير مصطلح "WASH" (المياه والصرف الصحي والنظافة) إلى العلاقة المباشرة بين الوقاية من الأمراض وتحسين متوسط العمر والكرامة الإنسانية. يتناول هذا المقال كيف يساهم نظام WASH في تحقيق فوائد صحية مباشرة للسكان، وما هي التدخلات الاستراتيجية اللازمة لتحقيق الاستدامة.
مقدمة عن WASH والصحة العامة
يشير WASH إلى نهج يدمج بين المياه، والصرف الصحي، والنظافة، بهدف تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان. فعند دمج هذه العناصر، تساهم بشكل كبير في بناء مجتمع صحي. تسهم ممارسات WASH في الحد من انتشار الأمراض المعدية، وإنقاذ حياة الأطفال، وتعزيز المجتمعات. ولهذا السبب، فإن هذا النهج يشكل محور اهتمام خاص في المناطق منخفضة الموارد وأثناء الأزمات.
أهمية المياه الآمنة للصحة العامة
الوصول إلى مياه شرب نظيفة:
تُعد المياه النظيفة ضرورية للشرب، وتحضير الطعام، والغسيل. فالمياه غير الآمنة قد تحتوي على كائنات ممرضة مثل الكوليرا والتيفوئيد والدوسنتاريا. لذا فإن توفير آبار آمنة، وأنظمة ترشيح، ومصادر منظمة يخفف بشكل كبير من عبء الأمراض.
الوقاية من الأمراض المنقولة بالمياه:
تُعد المياه الملوثة سبباً رئيسياً للمعاناة والوفيات في مناطق عديدة. لذا تُستخدم طرق مثل الكلورة، والتطهير بالأشعة فوق البنفسجية، والغلي كوسائل لقطع انتقال العدوى، خصوصاً في المناطق الريفية والمناطق المتضررة من الكوارث.
البنية التحتية لتوفير المياه:
تساهم البنية التحتية الجيدة مثل أنابيب التوصيل، وخزانات المياه، وصنابير المجتمعات في ضمان التوفر المستمر للمياه النظيفة، مما يعزز الإنتاجية الاقتصادية عبر تقليل الوقت المستهلك في جمع المياه.
الصرف الصحي كركيزة ثالثة للوقاية من الأمراض
أهمية المرافق الصحية الملائمة:
تساهم المراحيض والحمامات في احتواء النفايات البشرية ومنع تلوث البيئة. أما التغوط في العراء، فلا يزال شائعاً في بعض المناطق، ما يسهل انتقال الأمراض عبر التربة، والذباب، والمياه. توفر المراحيض الآمنة حتى في المنازل الصغيرة ينعكس بشكل إيجابي على الحالة الصحية.
إدارة مياه الصرف والنفايات الصلبة:
تستفيد المناطق الحضرية من أنظمة صرف صحي مخططة تنقل النفايات بعيداً عن السكان. وتعمل محطات المعالجة على عزل السكان عن مسببات الأمراض. أما في المناطق الريفية، فيتم اعتماد حلول بيئية منخفضة التكلفة كالمراحيض السمادية.
ممارسات النظافة لحماية الصحة العامة
غسل اليدين بالصابون:
يُعد غسل اليدين من أبسط وأهم طرق الوقاية من العدوى، ويحد من انتقال الأمراض التنفسية والإسهال، خاصة لدى الأطفال. وقد ساهمت حملات التوعية في تعزيز هذه الممارسة قبل الأكل وبعد استخدام المرحاض.
إدارة النظافة أثناء الحيض:
غالباً ما تُهمل نظافة الدورة الشهرية في السياسات الصحية، رغم أهميتها لصحة وكرامة النساء والفتيات. فتوفر المستلزمات الصحية، والحمامات الخاصة، والتثقيف المدرسي يضمن للفتيات الذهاب إلى المدرسة وإدارة دورتهن بأمان.
التوعية والتعليم بالنظافة:
تُساعد برامج التثقيف المجتمعي على توضيح العلاقة بين النظافة والصحة. وتُعد الملصقات العامة، والمناهج الدراسية، ودورات التدريب أدوات فعّالة في ترسيخ الممارسات الصحية التي تقلل من الأمراض القابلة للوقاية.
ثلاثة تأثيرات رئيسية لـ WASH على صحة الأطفال:
تقليل معدل وفيات الأطفال:
يُعد سوء الصرف الصحي ومياه الشرب غير الآمنة من أكثر الأسباب شيوعًا لوفيات الأطفال حول العالم. إذ تؤدي المياه الملوثة إلى الإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها، مثل الإسهال، مما يتسبب في وفاة ما يقارب نصف مليون طفل سنويًا. تسهم تدخلات WASH في تعزيز فرص بقاء الأطفال على قيد الحياة من خلال تحسين الوصول إلى مرافق المياه والصرف الصحي.
زيادة الحضور المدرسي:
توفر مرافق WASH في المدارس بيئة ملائمة تساعد جميع الأطفال – لا سيما الفتيات – على الانتظام في الحضور. إذ تقلل المراحيض النظيفة، ومحطات غسل اليدين، ومياه الشرب الآمنة من التغيب المرتبط بالأمراض أو نقص مرافق النظافة الخاصة بالدورة الشهرية. من هنا، يصبح WASH جزءًا أساسيًا من تحقيق المساواة التعليمية. تقدم الأكاديمية البريطانية للتدريب والتطوير دورة تدريبية متخصصة في "طرق اختبار دهانات المياه" لدعم العاملين في مجالات البيئة والصحة العامة.
مكافحة سوء التغذية:
تؤثر نوبات الإسهال المتكررة والعدوى الطفيلية على امتصاص العناصر الغذائية في جسم الطفل، مما يؤدي إلى سوء التغذية. وبالتالي، فإن تدخلات WASH، من خلال تقليل الأمراض، تساهم بشكل غير مباشر ولكن قوي في تحسين نمو الطفل وتطوره.
WASH في المرافق الصحية
في المستشفيات، تعتبر معايير النظافة مرتفعة لمنع انتقال العدوى. يجب أن تشمل مرافق WASH مراحيض نظيفة ومحطات لغسل اليدين وإمدادات مياه معقمة لحماية المرضى والعاملين. فضعف هذه المرافق يزيد من معدلات العدوى ويؤثر سلبًا على نتائج العلاج.
ينبغي استخدام مياه نظيفة ومعقمة في جميع الإجراءات الطبية وتنظيف المعدات. فالمياه الملوثة تعرض المرضى لمضاعفات وتزيد من انتقال الأمراض. لذا، فإن مراقبة جودة المياه في المراكز الصحية أمر لا يمكن التهاون فيه لضمان تقديم رعاية صحية فعالة.
يُعد WASH العمود الفقري لمنع العدوى والسيطرة عليها (IPC) في قطاع الصحة، ويشمل ذلك تدريب الموظفين على ممارسات النظافة، وتوفير معدات الحماية الشخصية، وإجراءات التنظيف الروتينية.
السياسات والأطر الدولية الداعمة لـ WASH
الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة (SDG 6):
يهدف إلى ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030. يشمل هذا الهدف الوصول الشامل، وجودة المياه، والإدارة المتكاملة. وتعمل الحكومات على مواءمة استراتيجياتها الوطنية مع هذا الهدف لجذب التمويل والشراكات.
مشاركة منظمة الصحة العالمية (WHO) واليونيسف (UNICEF):
تنفذ المنظمتان مبادرات WASH عالمية، مثل البرامج الخاصة بالمدارس والمرافق الصحية. تؤثر هذه المبادرات على السياسات الوطنية من خلال الإرشادات والدعم الفني، بالإضافة إلى مراقبة البيانات العالمية لقياس التقدم.
السياسات والبرامج الوطنية لـ WASH:
اعتمدت العديد من الدول استراتيجيات وطنية لـ WASH تشمل الميزانيات، والأطر المؤسسية، وخطط التدخل في المناطق الحضرية والريفية. ولضمان توسيع نطاق WASH ودمجه في سياسات الصحة والتعليم، لا بد من وجود التزام حكومي فعّال.