في عالم الأعمال اليوم الذي يتسم بسرعة متزايدة وعولمة متنامية، تعتمد الشركات اعتمادًا كبيرًا على سلاسل إمداد معقدة لتوصيل سلعها وخدماتها بكفاءة مناسبة. غير أن هذا المستوى من الترابط يجلب معه أيضًا سيلاً من الاضطرابات المحتملة، بدءًا من الكوارث الطبيعية وعدم الاستقرار السياسي، وصولاً إلى الهجمات الإلكترونية وإخفاق موردي الإمداد. وهنا يأتي دور إدارة مخاطر سلسلة الإمداد (SCRM)، وهي تعني عملية تحديد وتقييم وتخفيف المخاطر التي تهدد تدفق السلع والمعلومات والتمويل ضمن سلسلة الإمداد بشكل منهجي. من خلال إدارة هذه المخاطر بشكل استباقي، يمكن للشركات تحسين المرونة والاستمرارية وربحيتها. في عالم لا يمكن التنبؤ به، تعتبر إدارة مخاطر سلسلة الإمداد ميزة تنافسية أفضل من كونها مجرد إستراتيجية دفاعية.
ما هي إدارة مخاطر سلسلة الإمداد؟
إدارة مخاطر سلسلة الإمداد (SCRM) هي عملية منهجية لإضافة وتحديد وتقييم وترتيب المخاطر المرتبطة بالمنظمة التي تعمل ضمن سلسلة إمداد منظمة. بعبارة أخرى، تشمل الاستراتيجيات المستخدمة للتخفيف من تلك المخاطر وضمان استمرارية وربحية العمليات التجارية. تُعد إدارة المخاطر هذه آلية تحمي الشركات من الاضطرابات غير المتوقعة، وفي الوقت ذاته تفتح أبوابًا لتحسين مرونة وكفاءة سلسلة الإمداد. ومع تعقّد وترابط سلاسل الإمداد العالمية أكثر من أي وقت مضى، تزداد الحاجة إلى إدارة فعّالة للمخاطر.
يتطلب ذلك فهم النظام البيئي الأوسع لسلسلة الإمداد، الذي يشمل البائعين الخارجيين ومقدمي الخدمات والعملاء. هذا المنظور الأوسع يساعد على تحديد الموردين في المراحل العليا ومصادرهم، مما يعزز أمن وامتثال ممارسات سلسلة الإمداد. في جوهرها، إدارة المخاطر تعني تقليل التكاليف والخسائر أو الأضرار داخل الشركة وضمن سلسلة الإمداد.
لخفض الخسائر المرتبطة بالتكلفة وضمان سلاسة عمليات سلسلة الإمداد، يمكنك الانضمام إلى دورة "إدارة مخاطر المشاريع: الأهداف والأساليب والتقييم" التي تقدمها الأكاديمية البريطانية للتدريب والتطوير.
الأعمدة الأربعة لإدارة مخاطر سلسلة الإمداد
أظهرت الأبحاث بمرور الوقت أن معظم المخاطر التي تهدد عمليات إدارة سلسلة الإمداد يمكن تصنيفها ضمن أربعة أعمدة:
مخاطر التوريد
قد تنشأ داخليًا أو خارجيًا بسبب اضطرابات متنوعة مثل نقص المواد، أو مشاكل في التصنيع، أو تعطل تدفق السلع. تؤثر هذه الاضطرابات على النقل، وأوقات التسليم، والأسعار، والمخزون.
مخاطر الطلب
هي بطبيعتها غير قابلة للتنبؤ بسبب ارتباطها بسلوك المستهلك المتقلب، وقد تؤدي إلى خسائر من العروض الترويجية والتسعير الخاطئ أو حتى الإفلاس.
مخاطر العمليات
تشمل المخاطر المعروفة مثل الغلة في التصنيع، والحسابات المستحقة، والطاقة الإنتاجية، وكذلك المخاطر غير المعروفة مثل الهجمات السيبرانية أو أحداث خارجة عن التوقع.
مخاطر بيئية / نظامية
مثل النزاعات السياسية، تقلب أسعار الصرف، اللوائح البيئية، والكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل.
أفضل الممارسات لإدارة مخاطر سلسلة الإمداد
لبناء إستراتيجية قوية لإدارة المخاطر:
تنويع الموردين: من خلال تعدد المصادر لتجنب الاعتماد على مورد واحد وتقليل خطر الانقطاع.
تقريب مصادر التوريد (Nearshoring): اختيار الموردين والمصانع الأقرب لتقليل المسافات وتقليل التعرض لمخاطر الطقس.
الحفاظ على مخازن احتياطية: لتأمين استمرارية العمل حتى في حالات الاضطراب غير المتوقعة.
زيادة الشفافية مع الموردين: لفهم وضعهم المالي واعتمادياتهم الخارجية وتقليل المخاطر الخفية.
نمذجة أسوأ السيناريوهات: باستخدام البيانات الضخمة والتحليلات التنبؤية لضمان خطط بديلة واضحة.
استخدام الحلول البرمجية: لتوفير رؤية شاملة عبر سلسلة الإمداد بالكامل وتحديد نقاط الضعف مبكرًا.
التحديات
تطبيق إدارة مخاطر سلسلة الإمداد ليس بالأمر السهل، وذلك بسبب تعقيد السلاسل الحديثة وصعوبة الحصول على بيانات دقيقة من الموردين، إضافة إلى الحاجة لاستثمارات مالية كبيرة للتقنيات والتدريب والرقابة المستمرة.
لماذا إدارة المخاطر مهمة؟
سلسلة الإمداد هي القلب النابض لأي شركة؛ فهي التي تزودها بالمواد الخام وتنقل السلع والخدمات إلى المستهلكين. أي انقطاع في هذه السلسلة قد يؤثر على الإيرادات بعدة طرق. لذا، تعتبر إدارة المخاطر ضرورة لضمان الأداء الأمثل لسلسلة الإمداد عند حدوث أي مشكلة.