المخاطر شائعة في أي عمل تجاري أو مشروع، ولكن الطريقة التي تختار بها المؤسسات التعامل مع المخاطر ومواجهتها هي التي تصنع الفارق. تقدم الأكاديمية البريطانية للتدريب والتطوير دورة متخصصة في إدارة المخاطر في المشاريع تهدف إلى تزويد المهنيين بالمهارات اللازمة لإدارة المخاطر بفعالية طوال دورة حياة المشروع.
يوفر دورة حياة إدارة المخاطر نهجًا أكثر تنظيمًا لتحديد المخاطر، وتحليلها، والتخفيف منها، ومراقبتها، ومراجعتها خلال كامل فترة المشروع أو العملية التشغيلية. إن فهم هذه المراحل الأساسية وتطبيقها يعزز عملية اتخاذ القرار داخل المؤسسات، مما يقلل الخسائر ويزيد من مرونة الشركات بشكل عام.
تستعرض هذه المقالة المراحل الخمس الرئيسية في دورة حياة إدارة المخاطر للمساعدة في بناء استراتيجية مخاطر أقوى وأكثر استباقية.
الخطوة الأولى: تحديد المخاطر
تبدأ أي عملية لإدارة المخاطر بتحديد المخاطر التي يتعرض لها العمل في البيئة التي يعمل بها. هناك أنواع مختلفة من المخاطر، وكل نوع يتطلب نهجًا مختلفًا. ويمكن تصنيفها بشكل عام إلى:
مخاطر استراتيجية: تنشأ عادة نتيجة للتغيرات في بيئة الأعمال أو ديناميكيات السوق أو حتى في التوجه الاستراتيجي للمؤسسة. مثلًا ظهور منافس جديد أو ابتكار تقني قد يغير موقع الشركة في السوق.
مخاطر تشغيلية: تنشأ من العمليات اليومية للمؤسسة، مثل فشل العمليات أو الأنظمة أو الموارد الحرجة، أو الأخطاء البشرية، أو خروقات ضوابط داخلية.
مخاطر مالية: تدور حول الوضع الاقتصادي والمعاملات المالية للمؤسسة، مثل التغير في أسعار السوق، أسعار الفائدة، جودة الائتمان، وأسعار صرف العملات.
مخاطر الأخطار (الكوارث): تشمل الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو أي أحداث أخرى قد تسبب أضرارًا جسيمة للأصول الملموسة للمؤسسة.
من الضروري محاولة تحديد معظم هذه المخاطر بشكل ما. في بيئة يدوية، يتم تسجيل هذه المخاطر يدويًا. أما في حال توظيف حلول لإدارة المخاطر، فيُدخل كل ذلك مباشرة في النظام، ما يتيح رؤيتها من قبل أي صاحب مصلحة لديه حق الوصول إلى النظام بدلاً من أن تظل حبيسة رسائل البريد الإلكتروني أو تقارير يصعب الوصول إليها.
الخطوة الثانية: تحليل المخاطر
بعد التعرف على المخاطر، يجب تحليلها وتحديد نطاقها. من الضروري أيضًا فهم العلاقة بين هذه المخاطر والعوامل الأخرى داخل المؤسسة. لتقييم مدى خطورة المخاطر، يُنظر إلى عدد الوظائف التي قد تتأثر. قد تكون هناك مخاطر تهدد بإيقاف الأعمال تمامًا عند تحققها، أو مجرد عقبات طفيفة.
في بيئات إدارة المخاطر اليدوية، يتم إجراء هذا التحليل يدويًا. من أهم الخطوات الأولية في تنفيذ حلول إدارة المخاطر هي ربط المخاطر بالوثائق والسياسات والإجراءات والعمليات. غالبًا ما يحتوي النظام على إجراءات جاهزة لتقييم المخاطر وتأثيرها.
الخطوة الثالثة: تقييم المخاطر (تقديرها)
ينبغي تصنيف وترتيب المخاطر حسب الأولوية. معظم تطبيقات إدارة المخاطر تصنف المخاطر بناءً على مدى خطورتها. مثلًا الأضرار المصنفة على أنها منخفضة قد تعطل العمليات اليومية، في حين أن تلك المصنفة على أعلى مستوى قد تدمر أصولًا هامة.
يعد ترتيب المخاطر بالغ الأهمية لمنح المؤسسة رؤية شاملة للتعرض للمخاطر. فقد يكون هناك العديد من المخاطر منخفضة المستوى التي لا تستلزم تدخل الإدارة العليا، لكن وجود خطر واحد مصنف على أنه الأعلى كافٍ لاتخاذ إجراء فوري.
هناك نوعان من تقييم المخاطر:
التقييم النوعي: يُستخدم عندما يصعب قياس المخاطر رقميًا. مثلًا لا يمكن قياس خطر تغير المناخ مباشرةً، وإنما يتم تحليل مكوناته. يوفر التقييم النوعي طريقة معيارية لتقييم المخاطر.
التقييم الكمي: يُستخدم لقياس المخاطر المالية. مثلًا في القطاع المالي، تُستخدم البيانات والأرقام (كالأسعار، أسعار الفائدة، مؤشرات المخاطر) لإجراء تقييمات كمية، وهي عادةً أكثر موضوعية وأسهل آليًا.
الخطوة الرابعة: معالجة المخاطر
يجب تجنب كل خطر أو احتواؤه قدر الإمكان. يتم ذلك من خلال التواصل مع المتخصصين أو الخبراء المعنيين بالمجال الذي ينتمي له الخطر. في البيئات اليدوية، يتطلب الأمر التنسيق مع جميع الأطراف وعقد اجتماعات، وغالبًا ما تتشعب النقاشات في رسائل بريد إلكتروني ومكالمات وتقارير متعددة.
أما في أنظمة إدارة المخاطر، فيتم إرسال إشعارات تلقائية لأصحاب المصلحة، مع مناقشة الحلول داخل النظام ذاته. كما يظل كبار المسؤولين على اطلاع مستمر بالحلول المقترحة والتقدم المحرز، ما يوفر الكثير من الوقت ويضمن الشفافية.
الخطوة الخامسة: مراقبة ومراجعة المخاطر
هناك بعض المخاطر لا يمكن القضاء عليها تمامًا مثل مخاطر السوق والمخاطر البيئية، ولذلك يجب مراقبتها دائمًا. في الأنظمة اليدوية، يعتمد ذلك على موظفين يتابعون المخاطر باستمرار. أما في الأنظمة الرقمية، فيراقب النظام الملف الكامل للمخاطر، ويُظهر فورًا أي تغيير في أي عامل.
كما أن الحواسيب تتفوق على البشر في مراقبة المخاطر المستمرة، ما يضمن استمرارية الأعمال.